Pages

Saturday, March 5, 2011

كيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في الإسراء والمعراج وهم قد ماتوا ؟

وجاء في كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة: والحق أن الأنبياء ماتوا إلا ما وردت به النصوص في حق عيسى عليه السلام وما اختلف فيه من أمر إدريس عليه السلام . وأما من عداهما فقد دلت النصوص على موتهم قطعا ولا شك في ذلك . وأما ما جاء في الأحاديث من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن رؤية الرسل ليلة المعراج وما جاء في معناه من النصوص الأخرى فحق ولا تعارض بين النصوص في ذلك . وذلك أن الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم هي أرواح الرسل مصورة في صور أبدانهم ، وأما أجسادهم فهي في الأرض إلا من جاءت النصوص برفعهم ، وهذا هو الذي عليه الأئمة المحققون من أهل السنة.
فتدل هذه النصوص وغيرها على أن أجساد الأنبياء موجودة في الأرض محفوظة قد حرم الله على الأرض أن تأكلها، وأن أرواحهم في أعلى عليين من الجنة وأنها – أرواحهم - هي التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج مصورة في صور أبدانهم، أما أجسادهم الحقيقية فهي في الأرض لصحيح وصريح الأحاديث الدالة على ذلك؛ إلا ما جاءت النصوص بأنه رفع إلى السماء بجسده وروحه جميعا وهو عيسى عليه السلام.
ولا يتعارض وجود الأرواح في الجنة مع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لها في السموات السبع ولا مع صلاة موسى عليه السلام في قبره إذ يتصور أن تنتقل الروح من مكان إلى مكان؛ خاصة وأن شأن الأرواح غير شأن الأبدان.
قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً {الإسراء:85}
وأما أول من يبعث وأول من يدخل الجنة، فقد جاء في مسند الإمام أحمد بسند صحيح من حديث عمرو بن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وإني آتي باب الجنة فآخذ بحلقتها فيقولون من هذا فأقول أنا محمد فيفتحون لي فأدخل فإذا الجبار عز و جل مستقبلي ..... إلخ.
وبذلك يُعلم أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وهو أول من يدخل الجنة (بجسده وروحه جميعا) يوم القيامة؛ فيكون بذلك أول من يتنعم بالجنة نعيما حقيقيا كاملا، إذ أن تنعم الصالحين عموما والأنبياء خصوصا في حياة البرزخ إنما هو نعيم ناقص لأنه تنعم بالأرواح دون الأبدان وإنما تمام النعيم إنما يكون باجتماع نعيم الأرواح أخيرا يجدر تنبيه الأخت السائلة إلى أمرين:
الأول: أن أمور الغيبيات من حياة البرزح واليوم الآخر قد تحتار فيها العقول ولكنها لا تحيلها؛ فهي لا تقاس على الواقع المحسوس في الحياة الدنيا لما بين الحياتين من بون شاسع، إذ كيف تقاس حياة الجزاء على حياة العمل وحياة الخلود على حياة الفناء!.
قال ابن القيم رحمه الله: الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته بل أخبارهم قسمان، أحدهما: ما تشهد به العقول والفطر. الثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب ولا يكون خبرهم محالا في العقول أصلا.
وقال أيضا: الله سبحانه جعل أمر الآخرة وما كان متصلا بها غيبا، وحجبها عن إدراك المكلفين في هذه الدار، وذلك من كمال حكمته وليتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم.
وقال ابن حجر رحمه الله: أمور الآخرة لا تدرك بالعقل ، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة.
الأمر الثاني: أن أمور الغيبيات لا يخاض فيها إلا بنصوص الوحي المفهوم بكلام العلماء الراسخين من السلف إذ الخوض فيها بلا علم باب هلاك عظيم لأنه يؤدي إلى الكذب والتقول على الله.والأبدان جميعا.

No comments:

Post a Comment